إدارة الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن لمحافظتي الفروانية والجهراء
عيد الفطر

عيد الفطر

26 مارس 2025

عيد الفطر هو أحد عيدي المسلمين وهو يوم واحد يبدأ برؤية هلال شهر شوال وينتهي بغروب شمس اليوم الأول من شوال. شُّرِعَ عيد الفطر لَمّا هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وجد أهلها يحتفلون بعيدين وثنيين في السنة، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين عن الاحتفال بهذين العيدين وأبدل الله تعالى المسلمين بعيدين أفضل منهما؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذانِ اليومانِ؟ قالوا: كنَّا نَلعَبُ فيهما في الجاهليَّةِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما: يومَ الأَضْحى ويومَ الفِطْرِ." (أخرجه أبو داوود). سُمي عيد الفطر بهذا الاسم نسبة إلى الإفطار الذي يأتي بعد صوم شهر رمضان المبارك. ولعيد الفطر أحكام واجبة يجب على المسلم الالتزام بها كزكاة الفطر وحرمة صيام يوم العيد، وأحكام مستحبة كصلاة العيد والتسبيح والتهليل وغيرها.

حرمة صيام يوم العيد:

ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام نهيه عن صيام يوم العيد فيما نقل الشيخان عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: "نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صومِ يومِ الفِطرِ والنَّحرِ، وعن الصَّمَّاءِ، وأن يحتبيَ الرَّجُلُ في ثَوبٍ واحدٍ." (متفق عليه). ويُشرَع للمسلم ابتداء صيام الست من شوال أو قضاء الصيام بعد يوم العيد مباشرة أي في اليوم الثاني من شهر شوال.

صلاة العيد:

من أحكام عيد الفطر صلاة العيد، وهي ركعتان جهرية، يدخل وقتها بعد شروق الشمس وارتفاعها قدر رمح ما يعادل عشرون دقيقة تقريباً بعد الشروق. واختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال، الوجوب وهو مذهب الحنفية، فرض كفاية وبه قال الحنابلة، وسنة مؤكدة وهو قول الشافعية والمالكية. وصلاة العيد لا أذان لها ولا إقامة، وصفتها التكبير في الركعة الأولى ست تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وللمصلي السكوت بين التكبيرات لكن الأفضل ذكر الله تعالى والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد التكبيرة السادسة يشرع الإمام بقراءة الفاتحة ثم سورة الأعلى أو سورة ق. وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات غير تكبيرة الانتقال ويقرأ الفاتحة يليها سورة الغاشية أو سورة القمر، وللإمام القراءة بغير هذه السور بما تيسر له من القرآن إلا أنه من السنة القراءة بها. وللفقهاء قولان في وقت قراءة دعاء الاستفتاح، القول الأول بعد تكبيرة الإحرام مباشرة، والقول الثاني بعد التكبيرة السادسة قبل الشروع في قراءة الفاتحة. وبعد الصلاة تكون خطبة العيد حيث يخطب الإمام خطبة يُذكّر فيها الناس ويَعِظَهم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كان يخرُجُ يومَ الأضحى، ويومَ الفِطرِ، فيَبدأُ بالصَّلاةِ، فإذا صلَّى صلاتَه وسلَّمَ، قام فأَقبلَ على الناسِ، وهم جلوسٌ في مصلَّاهم، فإنْ كان له حاجةٌ بِبَعْث، ذكَره للناسِ، أو كانتْ له حاجةٌ بغير ذلك، أَمَرَهم بها، وكان يقول: تَصدَّقوا، تَصدَّقوا، تَصدَّقوا، وكان أكثرَ مَن يَتصدَّقُ النساءُ، ثم ينصرِفُ، فلم يزلْ كذلك حتى كان مَرْوانُ بنُ الحَكَم، فخرجتُ مخاصرًا مروانَ حتى أَتينا المصلَّى، فإذا كَثيرُ بن الصَّلتِ قد بنى منبرًا من طِين ولَبِن، فإذا مَرْوانُ يُنازعني يدَه، كأنَّه يَجرُّني نحو المنبر، وأنا أَجرُّه نحوَ الصَّلاة، فلمَّا رأيتُ ذلك منه، قلتُ: أينَ الابتداءُ بالصَّلاة؟ فقال: لا، يا أبا سعيد، قد تُرِك ما تَعلَمُ، قلت: كلَّا! والذي نفْسي بيدِه لا تأتون بخيرٍ ممَّا أعلمُ، ثلاثَ مِرارٍ، ثم انصَرَف." (رواه مسلم). وكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام العودة من مصلى العيد من طريق غير الطريق الذي سلكه في ذهابه. وأيضا كان من هديه عليه الصلاة والسلام الاغتسال للعيد ولبس أجمل ثيابه.

زكاة الفطر:

من أحكام عيد الفطر زكاة الفطر وهي واجبة على كل مسلم؛ على الذكر والأنثى، الكبير والصغير، العبد والحر. ومقدارها صاع من تمر أو شعير أو رز أو حنطة أو غيرها من سائر طعام قوت أهل البلد، والصاع يعادل أربعة أمداد، والمد يساوي ملء اليدين المعتدلتين، ويقدر الصاع بالوزن حسب نوع الطعام المكيل من 2.040 إلى 3 كيلوجرام، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ..." (رواه البخاري). وقد اختلف الفقهاء في وقت إخراج زكاة الفطر على قولين، الأول أنها تجِب بغروبِ شمسِ آخر يوم من رمضان إلى وقت صلاة العيد، وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أمَر رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تُؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ" (متفق عليه)، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمَساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ" (رواه أبو داوود وابن ماجه). والقول الثاني أن وقت وجوب زكاة الفطر يبدأ من طلوع فجر يوم العيد إلى غروب الشمس.

واختلف الفقهاء في مشروعية إخراج زكاة الفطر مالاً بدلا من الطعام على ثلاثة أقوال:

القول الأول قول الجمهور، أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلا طعاماً لأنه هدي النبي عليه الصلاة والسلام وسنته، وهو ما نصت عليه الشريعة. ولو جاز إخراج زكاة الفطر مالاً لبين ذلك النبي عليه الصلاة والسلام.

القول الثاني، أنه يجوز مطلقاً إخراج زكاة الفطر مالاً بدلا من الطعام، وهو مذهب أبو حنيفة والثوري واختاره البخاري.

القول الثالث، أنه يجوز إخراج قيمة زكاة الفطر مالاً عند الحاجة أو المصلحة الراجحة فقط، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية.   

آداب ومستحبات العيد:

يستحب في يوم عيد الفطر الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، قال الله تعالى: "وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة: 185). والتكبير في عيد الفطر سنة مؤكد، ويبدأ وقته منذ رؤية هلال شهر شوال إلى خروج الإمام إلى صلاة العيد. وللتكبير عدت صور أشهرها قول: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد". ومن الفقهاء من يرى ان تكبر ثلاثا فتقول: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد" والأمر فيه سعة سواء تم التكبير مرتين أو ثلاثا كله خير.

ويُسَن الجهر في التكبير إحياءً للسُنة، فعن عمر رضي الله عنه: "أنَّه كان يُكبِّرُ في قُبَّته بمنًى، فيَسمَعُه أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرونَ فيُكبِّر أهلُ الأسواقِ، حتى ترتجَّ منًى تكبيرًا." (رواه البخاري معلقاً).

كما يُستحب الاغتسال قبل الخروج إلى صلاة العيد، والتجمل باللباس، وأكل عدد وتر من التمرات ثلاث تمرات أو خمس أو أكثر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ. ويَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا" (رواه البخاري). كما يستحب العودة من مصلى العيد من طريق غير الطريق الذي سُلِك في الذهاب، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ" (رواه البخاري). وكان من هدي الصحابة بالعيد تهنئة بعضهم البعض بقول " تُقُبِّل منا ومنك" أو "تقبل الله منا ومنك"، لذا يجوز للمسلمين تهنئة بعضهم البعض بالعيد والتزاور والتراحم فيما بينهم فهذا من مكارم الأخلاق ومن المظاهر الاجتماعية الحسنة.

كتبه: مصعب العوضي

إدارة الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن لمحافظتي الفروانية والجهراء